Alfred Bernhard NOBEL
هكذا عنونت الصحافة الأوروبية يومًا خبر وفاة لويس نوبل، شقيق العالم والمخترع السويدي ألفرد نوبل، معتقدةً أنّ المتوفّى هو ألفرد نفسه.
لكنّ تلك النعوة الخاطئة التي وصفته بـ”تاجر الموت” كانت الشرارة التي أيقظت في داخله الحسّ الإنساني، ودفعته إلى مراجعة مسيرته العلمية ومسؤوليته الأخلاقية، فاختار أن يُكرّس ما تبقّى من عمره وأمواله في سبيل السلام والعلم والإنسان.
وُلد ألفرد برنارد نوبل في ستوكهولم بتاريخ ٢١ تشرين الأول (أكتوبر)، وتوفي في سان ريمو في ١٠ أيلول (سبتمبر) عام ١٨٩٦.
كان مليارديرًا، وعالم كيمياء نابغًا، ورجل أعمال متفوّقًا. سجّل أكثر من ٣٥٠ براءة اختراع باسمه، وكان أبرزها اختراع الديناميت (النيتروغليسرين) عام ١٨٦٦، وهو الابتكار الذي غيّر وجه العالم.
ظنّ نوبل، حين اكتشف المتفجرات، أنّها ستكون وسيلة لردع الحروب، قائلاً في إحدى عباراته:
“عندما يدرك الناس أن جيشًا جرّارًا يمكن تدميره في لحظات، سنبلغ العهد الذهبي للسلام.”
لكنّ الواقع أثبت أنّ العلم قد لا يحمل دائمًا نوايا العلماء… فكم من اختراع خُلِق من أجل الخير، فانقلب شرًّا بأيدي البشر!
عند وفاته، كانت ثروته تُقدّر بما يعادل ١,٧ مليار كورون سويدي (أي نحو ١٧٩ مليون يورو حاليًّا). وقد أوصى بتخصيص معظمها لإنشاء سلسلة من الجوائز العالمية تُمنح سنويًّا لأبرز الإسهامات في الفيزياء والكيمياء والطب والأدب والسلام.
لكنّ المفارقة الكبرى أنّ الرياضيات غابت عن هذه القائمة!
لماذا لا توجد جائزة نوبل في الرياضيات؟
تعدّدت التفسيرات.
أحدها أنّ الرياضيات لم تكن في أواخر القرن التاسع عشر تُعتبر “علمًا نافعًا للبشرية” كالطب أو الفيزياء، وفق النظرة السائدة آنذاك.
أما التفسير الثاني – الأكثر تداولًا – فيرتبط بحياته العاطفية:
يُقال إنّ نوبل أحبّ فتاة نمساوية تُدعى بيرتا فون زوتنر (Bertha von Suttner)، لكنها فضّلت عليه أستاذ الرياضيات غوستا ميتاغ-ليففلر (Gösta Mittag-Leffler)، فتركت العالم الكبير مكسور القلب… وقد تكون تلك الحكاية الشخصية سبب استبعاده لجائزة الرياضيات من قائمته الخالدة!
وكأنّ الفيلسوف الفرنسي باسكال (Pascal) كان يُلخّص حكاية نوبل حين قال:
“Le cœur a ses raisons que la raison ne connaît point.”
للقلب أسبابه التي لا يعرفها العقل.
وهكذا، من بين رماد الديناميت ودموع الندم، وُلدت جوائز نوبل…
لتُذكّرنا أن من رحم الخطأ قد يُزهر الخير،
وأن بعض النهايات ليست إلا بدايةً لسلامٍ جديد.
✍️ الدكتور جوزف مكرزل





