بين البابا ولبنان قصة حب لا تنتهي

حبيب شلوق

هل باتت الزيارات البابوية للبنان عرفاً لدى كل مَن يجلس على كرسي بطرس؟ ربما. لأن ما من بابا اعتلى هذا الكرسي منذ 1964 حتى اليوم إلا وزار البلد الصغير مساحة وعدد سكان باستثناء البابا فرنسيس ربما لأسباب صحية.
الواضح في الفاتيكان الذي زرته مرات عدة منذ الثمانينات إلى اليوم وواكبت كصحافي أعمالاً ونشاطات له وبينها السينودس من أجل لبنان ) رجاء جديد للبنان)على مدى 27 يوما متتالية، أن رأس الكنيسة الكاثوليكية يولي هذا البلد رعاية خاصة، ويرى في تنوعه غنى وفي ثقافته عمقاً وفي إيمانه كنزاً وفي طبيعته جمالاً. وفي رأي الفاتيكان ان لبنان كما وصفه البابا القديس يوحنا بولس الثاني هو أكثر من وطن ، هو رسالة.
وكما واكبت البابا يوحنا بولس الثاني في الفاتيكان ثم في لبنان عام 1997 حيث واكبته في ساحة الشهداء وحريصا والتقيته بكركي ، واكبت زيارة البابا بينيديكتوس السادس عشر عام 2012، واليوم ننتظر زيارة البابا لاوون الرابع عشر الحامل هم لبنان وأوضاعه الأمنية.
لكن ثمة مفارقتين لاحظتهما في هذه الزيارات . الأولى تلك الخلوة الطويلة جداً بل قد تكون الخلوة الأطول في التاريخ بين البطريرك صفير والبابا يوحنا بولس الثاني عندما زار لبنان ورافقه البطريرك في سيارته Papamobile من مطار بيروت الدولي إلى القصر الجمهوري ومنه إلى بكركي، وكم دار فيها من مناقشات وتوضيحات وأسئلة ، وهذا ما أشرت إليه في تغطيتي الصحافية في جريدة “النهار” في اليوم التالي للزيارة، والثانية تلك الزيارة الأقصر التي قام بها البابا بولس السادس إلى لبنان عام 1964 وهي الزيارة التي لم أواكبها لصغر سني إذ كنت في الصف التكميلي الأول، علماً أنني كنت متحمساً وعلى استعداد.
والقصة هنا أن البابا بولس السادس مر في مطار بيروت ساعة واحدة وهو في طريقه إلى بومباي ووافاه الرئيس شارل حلو حيث استقبله وعقد معه اجتماعاً قبل أن يستأنف رحلته. واللافت هنا أن تحضيرات حصلت لاستقباله وخرج طلاب المدارس ليصطفوا على الطرق الممكن أن يسلكها البابا حاملين أعلام لبنان والفاتيكان، وكنت أنا واحداً من الذين استنفرهم مدير ثانوية فرن الشباك شفيق سعيد، إلا أن “سلّتنا طلعت فاضية” ولم يسلك البابا طريقنا. وعدنا خائبين إلى صفوفنا.
يبقى أخيراً أن قصة حب لا تنتهي تربط رأس الكنيسة الكاثوليكية بوطن أكثر من وطن وشعب متنوّع من كل الطوائف يكن له كل تقدير.