أسعد الخوري
“عمر في الدفاع عن لبنان”، وعمر في الدفاع عن الحقيقة والدفاع عن القضايا الإنسانية المحقّة… والدفاع عن حق الانسان في الحياة.
هذا هو البروفسور فيليب سالم، طبيب وكاتب. نادرًا ما يكتب الأطباء افتتاحيات سياسية في صحف (بالعربية والأجنبية)، أو يلقون خطبًا في مناسبات وطنية، ومقابلات في محطات إذاعية وتلفزيونية في العالم، بينها محطات تلفزيون بارزة في الولايات المتحدة الأميركية.
قلمٌ بيد، ومِبْضَعٌ في اليد الثانية. وطروحات متقدمة حول الثورة والمجتمع المدني. واقتراح حلول واقعية بأن “يتولى المجتمع المدني مهمة التغيير في لبنان عبر قيامه بعملٍ كبير وبشكل منظّم ودقيق ولا عنفي…”.
“عمر في الدفاع عن لبنان” كتاب جديد لفيليب سالم. كتاب يحمل في طياته افتتاحيات له، ومقالات عديدة عنه وعن كتبه بقلم كتّابٍ معروفين.
في احدى افتتاحياته (في مسألة الحوار والسلاح – النهار في 20 أيار 2025) يتحدث فيليب سالم عن قضية الساعة اليوم، أي مسألة “توحيد البندقية” وحصر السلاح بيد الجيش اللبناني، حيث يدعو “حزب الله” الى التخلّي عن مشروعه المرتبط بايران. وهو يوضح موقفه من الوضع الراهن مؤكدًا ان اللبنانيين يعتبرون عناصر “حزب الله” في لبنان “أهلنا، نتشارك معهم الأرض والمستقبل…”، لكن سالم يطلب منهم “العودة الى البيت، العودة الى لبنان”…
ويرى سالم في افتتاحيته ان “ما نخافه على لبنان، هو أن اللجوء الى الحوار قد يضعف صلابة الموقف اللبناني ويضعف هيبة الحكم…”، ويتخوّف من أن يؤدي الحوار، أو الخوف من الفتنة الى تأخير تطبيق القرار 1701، وعندها يخسر لبنان ثقة العالم واحترامه، واعتباره “دولة فاشلة”!
“وماذا لو تكلّم لبنان؟” يقول أنه بعد كل هذه الحروب وهذا الدمار، لا نريد فقط “وقفًا لاطلاق النار، نريد تسوية سياسية تقودنا الى السلام والاستقرار الدائمين”. ويؤكد فيليب سالم في مقاله: “نريد السلام الذي ليس بعده حروب. ونصل الى هذا السلام بتطبيق ثلاثة بنود: أولاً، العودة الى اتفاق الهدنة والى الدستور. ثانيًا، تجريد السلاح من جميع الفئات اللبنانية وغير اللبنانية، وحصر السلاح في يدِ الدولة اللبنانية. ثالثًا، وهو الأهم، تجفيف المال والسلاح المتدفقين من ايران ودول آخرى الى هذه الفئات”.
حياد فاعل
فيليب سالم هو أول مفكّر في لبنان يدعو الى “الحياد الفاعل” (جريدة “النهار” اللبنانية في 12/6/2008). وهو يقول: “أننا لا ندعو الى حياد لبنان في الصراع بين العرب وإسرائيل، بل ندعو أن يلتزم لبنان في هذا الصراع ما يلتزمه جميع العرب، وألا يكون هذا الصراع كلّه على حسابه”.
وعيُ سياسي وفكري في كتابات فيليب سالم. هو يحاول توعية اللبنانيين، وإدراك حجم المسؤوليات الملقاة على عاتق كل مواطن في الحفاظ على تراب وطنه. والمجتمع المدني، برأي سالم، هو البديل الطبيعي لمفهوم “التوارث السياسي” القائم في لبنان. هذا “التوارث” لم تخرقه حتى الآن أصوات الدعوة الى التغيير الحقيقي لا الشكلي.
وفي زمن تتعطش فيه الأجيال الجديدة الساعية الى التغيير في السياسة كما في كل ميادين الحياة، الى كلمات وأفكار تزرع فيهم الأمل وتعيد اليهم معنى الرسالة الإنسانية، فإن كلمات وأفكار سالم تحمل الكثير من المفاهيم والوصايا الفكرية والأخلاقية التي تعبّر عن جوهر لبنان الحضاري ودور الإنسان في لبنان، وفي هذا الشرق المضطرب الذي يغلب عليه القلق على المستقبل.
ويتوجه فيليب سالم الى الأجيال الجديدة ليقول: “إنّ الإبداع في العمل ليس ممكنًا إن لم تحبّ عملك. فالحبّ هو القوة التي تحوّل العمل من شيء تقوم به، ويبقى خارجك، الى شيء تقوم به ويُصبح هو انت”.
وحول النجاح والفشل، هناك نظرية رائعة وعملية للدكتور سالم. “تعلّمتُ أن الطريقَ الى النجاح تمرّ دائمًا بالفشل. لذا فالذين يخافون الفشل، لا يتمكّنون من صنع النجاح”. ويتابع: ليس مهمًا نوع العمل بقدر ما هو مهم أن تملأ هذا العمل بالحبّ وتسكب فيه من نفسك.
في حفل تخريج طلاب جامعيين، يدعو فيليب سالم “للتمرد على الجهل” لأن “الجهل” هو جهل سياسي واجتماعي، فيما نحن جميعًا، وليس الخريجين فقط، بحاجة الى “أمل”.
“أزرعوا لبنان في العالم” يقول سالم: إنه دور كل لبناني مقيم ومنتشر. لأن لبنان قيمة إنسانية وحضارية. هكذا يهزّ لبنان العالم ويدعوه الى فهم الحقيقة والخير والحقّ والجمال. يؤكد الدكتور سالم: “ان وطني لن يموت. هذا وطن متجذّر في التاريخ ومتجذّر في انتشاره في العالم. متجذّر في انسانه العنيد والمتمرد. في انسانه الذي يحبّه حتى الثمالة. لقد مرّت على هذه الأرض جيوش كثيرة ثم رحلت وبقي لبنان. مرّ عليه موت كثير وبقي حيّا”.
لبنان باقِ ما بقي أرزُه، وخالدٌ مدى الأزمنة!
كتاب: “فيليب سالم: عمر في الدفاع عن لبنان”. 246 صفحة من القطع الكبير. طبعة أولى 2025 – مكتب الشرق الأوسط للإعلام.





