لم يكن الرئيس نبيه بري متفائلا أو متشائما خلال لقائه مجلس نقابة محرري الصحافة، بل كان واقعيا إلى أقصى درجات الواقعية في توصيفه الوضع الراهن .فهو ليس ” قاريء فنجان ” ليتنبأ بوقوع الحرب من عدمها ، فكل الاحتمالات مفتوحة مع دولة كاسرائيل لا وثوق بنياتها نظرا لعدائيتها، واستمرارها في خرق وقف إطلاق النار ، وبالتالي فان تطبيق إتفاق السابع والعشرين من تشرين هو الطريق المؤدي إلى ما يلي من إجراءات وترتيبات تعيد الأمن والاستقرار إلى الجنوب وتاليا إلى كل المناطق الاخرى المستهدفة في لبنان. ولا يبدو الهلع على الرئيس بري، وإن كان لا يخفي اسفه على عدم قدرة اللبنانيين على الوحدة والاتفاق حول الأساسيات البديهية التي يقوم عليها بلدهم. فالوحدة بين كل المكونات الوطنية قائمة بدليل استقبال النازحين من الجنوب والضاحية والبقاع في جميع المناطق اللبنانية الاخرى، ومن أبناء الطوائف المسيحية والإسلامية كافة، علامة على عمق العلاقة التي تشد اللبنانيين بعضهم إلى بعض بعيدا من ” زواريب” السياسة الضيقة ونكاياتها. ولعل اكثر ما أزعج رئيس المجلس النيابي – ويلتقي في هذه النقطة مع رئيس الجمهورية- هو التحريض الذي قاده لبنانيون يؤمون واشنطن من حين إلى حين، ولا يتورعون فيه عن الطلب من الادارة الاميركية ان تصعد الضغوطات والتهويل كي ” يلك” لبنان، فلا تعود لديه القدرة على المقاومة،فينصاع إلى املاءات لا يرى فيها مصلحة وطنية تخدم وحدته واستقراره الداخلي. وهو أشار إلى لقاءات تتم مع الوفود الاميركية الزائرة في ” مطبخ ” أحدهم قد تولى تسميته، وهو نفسه من زوار العاصمة الاميركية من حين إلى حين مع آخرين. وأن التسريبات التي صدرت في مأدبة أقيمت للوفد الأميركي الاخير الذي زار بيروت ، وما جرى فيه من تحريض، كانت وراء اعتذاره عن عدم استقباله شخصيا واحالته على مستشاره علي حمدان. وهنا يتقاطع موقف الرئيس نبيه بري مع موقف رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ، مع فارق بالتوصيف . الأول تحدث عن ” المطبخ” والثاني عن ” البخ”، مما يعني أن هناك إنزعاجا لدى الاثنين من هذا السلوك. فيما يؤكد الاثنان أيضا أن هناك تعجبا يقارب الامتعاض لدى عدد من المسؤولين الاميركيين الذين لم يتورعوا عن نقل ما سمعوا، وأن كل ما قيل في العاصمة الاميركية نقل إلى قصر بعبدا وعين التينة. وأن موقف بري من عدم استقبال الوفد الأميركي الذي تحدث بلغة” تهديدية” يعود إلى مبدأ اساس” كرامة البلد”. واذا كان الرئيس بري لا يوافق ” حزب الله” على توجيه رسالته الأخيرة إلى كل من رئيس الجمهورية ورئيسي مجلسي النواب والحكومة، فإنه يؤكد أن الحزب لم يطلق رصاصة واحدة في منطقة جنوب الليطاني ومن أي منطقة سواها والتزم بقرار وقف إطلاق النار كليا، فيما إسرائيل تستمر في اعتداءاتها، مؤكدا أن الحزب لا يعيد بناء قدراته العسكرية ومن أين، اذا لا تهبط اي طائرة إيرانية في مطار بيروت والحدود السورية- اللبنانية تحت رقابة مشددة من قبل الذين ينسبون له إعادة بناء قدراته. وذلك من دون أن ينسى أن إسرائيل قبلت مبدأ الانسحاب من الاراضي التي احتلتها في سوريا قبل بدء التفاوض مع دمشق، فيما ترفض وقف إطلاق النار مع لبنان وتضغط للتفاوض مع بيروت. متسائلا باستغراب لماذا يقبل (بضم الباء) أن تظل ” قسد” على سلاحها في مناطق وجودها تحت رعاية الدولة، وعندنا في لبنان لا يقبلوا بالتجميد؟ والجواب: لأننا غير متفقين في الداخل. واسف كيف أن إجتماعات ” الميكانيزم” تحولت من رصد وادانة ومحاسبة لإسرائيل على خروقاتها إلى التصويب على الجيش اللبناني:” صاروا عم يراقبو الجيش وليس الاسرائيلي”. وهو مع التفاوض غير السياسي وقالها صراحة:” أما التفاوض السياسي فهو غير وارد إطلاقا”،ووحدة اللبنانيين هي الأساس ، وهي المنطلق، وأن أي إنجاز لا يتحقق من دونها، وأنه مرتاح الضمير بأن لا عداوات لديه، إنما خصومات وهي أمر طبيعي في الحياة السياسية. ونوه الرئيس بري إلى علاقاته مع المملكة العربية السعودية مشيرا إلى أن “الحوار لم ينقطع معها يوما” والى استضافتها وكل دول الخليج لالاف اللبنانيين من كل المناطق والطوائف حيث يعملون فيها. كرر الرئيس بري موقفه من السجال القائم حول قانون الانتخاب ، وهو لغاية آلان لم يتسلم نسخة منه رسميا ليبني على الشيء مقتضاه. وعندما سئل عن الودائع ومصيرها في ظل غموض موقف مصرف لبنان والسلطات المالية في شأنها، سوى كلام عام يساق للاستهلاك، كرر ثلاث مرات عبارة ” الودائع مقدسة، مقدسة، مقدسة”. واقعيته التي دفعته للقول ردا على سؤال:” لا بقول في حرب ، ولا ما في حرب”، تؤكد أن الرئيس نبيه بري قاريء مميز للاحداث، وليس قاريء فنجان يسوق توقعاته وتمنياته وكأنها حقائق وقدر لا مفر منه.
خبر عاجل
-
في يومه اللبناني الثاني.. البابا يجمع رؤساء الطوائف
-
وصول البابا لاون الرابع عشر إلى ساحة الشهداء ليترأس اللقاء الحواري المسكوني بين الأديان
-
باسيل زيارة البابا لاوون الرابع عشر تحمل الامل ونخشى ما بعد انتهائها
-
صورة تختصر الزيارة الحدث
-
تحيّة تقدير من فادي مرتينوس الى منظمين استقبال البابا في عنايا والمشاركين فيه


