الشرع يلعب كرة السلة مع الأميركيين… ونحن ما زلنا نتجادل حول من يملك الكرة ومن يملك الملعب.
الصورة التي ظهر فيها الرئيس السوري أحمد الشرع يتبادل التمريرات مع مسؤولين أميركيين داخل ملعب في البيت الأبيض لم تكن مجرد لقطة ترفيهية بل إشارة رمزية إلى انتقال العلاقة من الصدام إلى الشراكة.
في كرة السلة، كما في الجغرافيا السياسية، لا أحد يلعب وحده: تفاهمات، تمريرات، تحالفات، ونقاط تسجل على حساب خصوم آخرين. وهنا، الكرة لم تكن مجرد لعبة، بل ملفات أمنية،استثمارات، وإعادة تموضع إقليمي. كل تمريرة تحمل صفقة، وكل سلة تعني مكسبًا سياسيًا.
وفي الوقت الذي يوسع فيه الشرع ملعبه السياسي ويعيد تموضع بلاده على الخريطة الدولية، يظهر لبنان وكأنه خرج من الخريطة أصلًا. بلد يتقدم عليه الزمن من دون أن يتقدم هو خطوة واحدة: اقتصاد متجمد وقرارات مؤجَّلة.وبينما تشق سوريا طريق صعود تدريجي، يغرق لبنان أكثر في الحلقة نفسها بلا قرار .
لبنان خارج الملعب
وبينما الشرع يدخل الملعب بثقة…لبنان ما زال يبحث عمّن يسمح له بالدخول إلى الملعب.
بينما سوريا تفاوض وتعيد التموضع… لبنان يتخبط في صراعات حول القرار والسلاح.
بينما دمشق تحول كرة السلة إلى دبلوماسية ناعمة… بيروت تحول السياسة إلى مباراة تصفية حسابات.
الفرق الوحيد هو ان في سوريا، الملعب واحد والقرار واحد.
اما في لبنان، الملاعب كثيرة… واللاعبون أكثر من الجمهور.
والنتيجة: لبنان غير موجود على لائحة الفرق المشاركة أصلاً.
في كرة السلة: من لا يسدّد… لا يسجّل.
وفي السياسة الدولية: الدولة التي لا تفرض نفسها…يتجاوزها الآخرون.
لبنان لم يخسر لأنه بلا إمكانات… بل لأنه بلا قرار.
مشكلته ليست غياب المهارات، بل غياب الفريق والخطة والمدرب.
الشرع اليوم لاعب.
سوريا في قلب المباراة.
أما لبنان، فجلس خارج الملعب يناقش من يملك الكرة…
وفي عالم كهذا، تبدو عبارةHenry Kissinger “هنري كيسنجر” أكثر من مجرد حكمة، بل مفتاحاً لقراءة اللحظة السياسية الراهنة:
«في السياسة، إذا لم تكن على الطاولة… فأنت على القائمة.»
وللأسف، لبنان اليوم ليس على الطاولة!


